تعرف على تاريخ المحامية الشرسة لجبهة التحرير الوطني بالجزائر |
توفيت المحامية الفرنسية الشهيرة والمدافعة الشرسة عن مناضلي جبهة التحرير الوطني الجزائرية جيزيل حليمي اليوم الثلاثاء في العاصمة باريس عن عمر ناهز 93 عاماً.
ولدت زيزا جيزيل إليز الطيب في 27 جويلية 1927 في منطقة حلق الوادي في تونس.
ورغم أن والدها إدوار كان قد أخفى ولادتها عن أصدقائه عدة أسابيع لأنه لم يكن يحب البنات، إلا أنها ستصبح فيما طفلته المحببة.
وتروي حليمي في كتاب “قضية النساء” المنشور عام 1974 عن علاقتها المتوترة مع والدتها وعن تمردها المبكر على الأعراف الاجتماعية السائدة في أوساط عائلتها اليهودية المحافظة الذي وصل حد إضرابها عن الطعام وهي في سن العاشرة اعتراضاً على منعها من القراءة والوصول إلى الكتب.
في سن السادسة عشرة، رفضت حليمي زواجاً رتبته العائلة وفضلت السفر إلى فرنسا ودراسة القانون قبل أن تعود إلى تونس وتنضم إلى نقابة المحامين عام 1949.
متمردة دفاعاً عن حقوق المرأة ومناضلة في سبيل استقلال بلدها الذي لطالما أحبته وعادت إليه بانتظام لقضاء العطلات والزيارة.
بعد انتقالها للعيش في فرنسا عام 1956 تزوجت من بول حليمي وغيرت اسمها وأنجبت طفلين.
ورغم الطلاق، حافظت جيزيل على اسم العائلة حليمي وتزوجت من كلود فو، الذي كان سكرتيراً لدى الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر، وأنجبت منه طفلها الثالث.
عندما بدأت حرب التحرير الجزائرية، انضمت جيزيل حليمي إلى الحملة التي كان يقودها سارتر وآخرون من موقعي “بيان الـ121” في أيلول 1960 والداعية إلى استقلال الجزائر، كما أطلقت حملة للدفاع عن شابة جزائرية تدعى جميلة بوباشا (22 عاماً) اعتقلها جنود فرنسيون وعذبوها واغتصبوها بتهمة زرع قنبلة.
ضمت الحملة على وجه الخصوص سيمون دوبوفوار وسارتر ولويس أراغون وجنفييف ديغول وجيرمين تيليون وآخرين.
ورغم أن المحكمة قضت بإعدام جميلة، إلا أنها عادت وأصدرت عفواً عنها وأطلق سراحها عام 1962 عقب توقيع اتفاقيات إيفيان التي وضعت حداً لحرب الجزائر.
في العام نفسه، نشرت دو بوفوار وجيزيل حليمي، مع آخرين، نصاً بعنوان “جميلة بوباشا” احتوى شهادات حول القضية بأكملها.
و استعيدت هذه القصة المؤثرة عام 2012 من خلال فيلم تلفزيوني أخرجته كارولين هوبرت.
منذ ذلك الحين، يُنظر إلى جيزيل حليمي باعتبارها مدافعة عن القضايا الصعبة تتميز بسحر الكلمات وقوة الحجة. شاركت حليمي على الدوام في السياسة دون أن تكون فاعلة سياسية مباشرة،
وفي عام 1965 أسست مع آخرين ما عرف بـ”الحركة الديمقراطية النسائية” التي دعمت ترشيح الاشتراكي فرانسوا ميتران لرئاسة الجمهورية.
أما نضالها النسوي، فيعود إلى طفولتها الأولى، غير أن أول تحرك مؤسسي كان في عام 1971 حين ظهر اسمها بين الموقعين على بيان نشرته مجلة “لونوفيل اوبسيرفاتور” دافع عن النساء اللواتي أقدمن على الإجهاض، وبالتالي خرق القانون في ذلك الوقت، وطالب بتشريع الإجهاض حتى تتمكن النساء الراغبات من إجراء العمليات بشكل شرعي لا يعرض حياتهن للخطر.
في العام نفسه، أسست حليمي مع سيمون دو بوفوار حركة “اختيار قضية النساء” التي شاركت في جميع النضالات النسوية ونظمت الدفاع في عدد كبير من القضايا المتعلقة بالعنف ضد النساء.
عام 1978، ترافعت جيزيل حليمي في قضية فتحت باب الاعتراف بالاغتصاب كجريمة. حينها مثلت حليمي شابتين بلجيكيتين تقدمتا بشكوى ضد ثلاثة رجال بتهمة الاغتصاب.
مهدت هذه القضية الطريق لقانون 1980 الذي يعتبر الاغتصاب جريمة وتم عرض تفاصيلها في فيلم وثائقي عام 2014.
بعد وصول الاشتراكي فرانسوا ميتران، مرشح جيزيل حليمي المفضل للرئاسة، إلى قصر الإليزيه، خاضت مغامرة السياسة “الرسمية” للمرة الأولى وأصبحت نائبة اشتراكية عن إقليم إيزير (جنوب شرق فرنسا) قبل أن تصبح سفيرة فرنسية لدى اليونسكو من 1985 إلى 1986.
نشرت حوالي خمسة عشر كتاباً بين عامي 1988 و2011 بينها “قضية النساء” (1974)، و”قضية النساء الجديدة” (1997) وكان آخرها “قصة شغف” وهي في الـ84 من عمرها.
إرسال تعليق